• الأحد. سبتمبر 8th, 2024

الجزائر.. التحول الرقمي والتعافي الاقتصادي

Byد.رضوان

ديسمبر 12, 2021

 

د. خالد رمضان

يعد التحول الرقمي عنصرا أساسياً في تعافي الاقتصاد الجزائري، إذ أن سهولة التعاطي مع الخدمات التكنولوجية في القطاع المالي بأسعار ميسورة أمر بالغ الأهمية للحد من مشكلة الفقر، في بلد يتجاوز عدد فقرائه الـ 15 مليون، بالإضافة إلى أن هذا التحول المرتقب سيزيد من وتيرة النمو الاقتصادي ويوفر القدرة على التكيف مع الأزمات، ويمهد الطريق للشمول المالي وخاصة بالنسبة للنساء، إذ لا يزال 71٪ من الجزائريات يفتقرون إلى إمكانية الحصول حتى على حسابات المعاملات البنكية،لإرسال المدفوعات وتلقيها بأمان، ونتيجة لذلك، فإنهم يُحرمون من الخدمات المالية الأوسع نطاقاً مثل الادخار والتأمين والقروض.

تتيح الخدمات المالية الرقمية سبلاً سريعة وآمنة لتأمين الوصول إلى الفئات الأكثر احتياجاً والمهمشين من الفقراء، وبالرغم من أن ملايين الجزائريين لديهم  حساب مصرفي، إلا أنهم ما زالوا يستخدمون وسائل خدمات خارج الحساب البنكي لإرسال التحويلات المحلية أو تلقيها، وإذا كان متوسط رسوم إرسال التحويلات النقدية حول العالم يبلغ 6.8%؛ فإن المعاملات الرقمية ستخفض هذه التكلفة إلى 3.3٪، ولذلك، فإن زيادة أموال التحويلات المتاحة للمستفيدين والتشجيع على استخدام القنوات الرقمية يعد الآن أكثر أهمية للجزائريين.

في المقابل، تعزز المدفوعات الرقمية عنصري المساءلة والشفافية من خلال تتبع التمويلات المشبوهة من قبيل غسيل الأموال والإتجار بالمخدرات، بالإضافة إلى أنها تساعد الشركات المحلية على معالجة مشاكل السيولة الحرجة.

  مكّنت “الهوية الرقمية”، التي بدأت في الجزائر عام 2016، المؤسسات المالية من التعامل مع العملاء بكفاءة في الامتثال لمتطلبات مكافحة غسيل الأموال وغيرها من متطلبات “اعرف عميلك”، كما أتاحت برمجة التطبيقات المفتوحة خفض تكلفة الخدمات المالية دون المساس بالسلامة والانتظام.

يتيح التحول الرقمي في القطاع المالي ابتكار نماذج أعمال جديدة تخدم الفقراء، حيث تكتسب منصات التجارة الإلكترونية أهمية كبيرة، بعدما استفاد مشغلو شركات الاتصالات من قدرة الخدمات المالية الرقمية على تسهيل المدفوعات وتقديم خدمات الدفع لفواتير الطاقة الشمسية والتأمين والإقراض، وبالرغم من فائدة الخدمات الرقمية للفقراء؛ إلا أنها تنطوي على مخاطر تتعلق بخصوصية البيانات، وعدم المساواة في الوصول للتكنولوجيا، والفجوة الرقمية، والأمن السيبراني، ومخاطر العمليات، والسلامة المالية، وتحديات المنافسة والاحتكار، وكل ذلك يتطلب من السلطات مستوى عال من المراقبة.

من الضروري خلال السنوات المقبلة، أن تستهدف الجزائر تعزيز الابتكارات التكنولوجية في القطاع المالي، لأن هذا الأمر سيعطي مزيداً من الزخم للنشاط الاقتصادي، وسيسهل من حياة المواطنين، مما سيسمح لهم بزيادة أصولهم أو ضخ استثمارات إنتاجية، ويخفف من الصدمات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، وعلى جميع مؤسسات الدولة إدراك أن المستقبل سيكون متوافقاً للغاية مع التكنولوجيا، وعليها أن تستجيب لهذه التحديات، ونعتقد أن أمام الجزائر فرصة فريدة لإجراء إصلاحات جريئة في التحول الرقمي، وإحداث تحول جوهري للاقتصاد.

 

د. خالد رمضان خبير دولي متخصص في العلاقات الدولية والدبلوماسية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *