أظهرت منتخبات إفريقيا تفوّقاً واضحاً على نظيرتها الآسيوية في كأس العرب لكرة القدم المقامة راهناً في قطر، مع تأهل الجزائر وتونس ومصر إلى نصف النهائي، مقابل ظهور منفرد للمضيفة قطر بطلة آسيا.
تفوّقٌ تحقق برغم مشاركة منتخبات شمال إفريقيا دون لاعبيها المحترفين في أوروبا، أمثال المصري محمد صلاح، الجزائري رياض محرز، المغربي ياسين بونو والتونسي وهبي الخزري، فيما من الطرف الآسيوي فضّل المنتخب السعودي اللعب بتشكيلة هي الأصغر سناً للتركيز على تصفيات مونديال 2022 حيث اقترب من التأهل.
منذ بداية البطولة، وجّه الأفارقة العرب انذارات بالجملة، ففاز المغرب على فلسطين والأردن 4-صفر، كم فازت مصر والجزائر وتونس برباعيات وخماسيات ولو على منتخبات إفريقية أخرى مثل السودان وموريتانيا.
عن أسباب التفوّق الإفريقي، يقول حارس منتخب مصر السابق نادر السيّد لوكالة فرانس برس “هناك ثلاثة جوانب: فنية، بدنية وشخصية. الصفات الشخصية تتكوّن من المجتمع والبيئة والحياة. لا يعني ذلك أن اللاعب الجيد يجب أن يعاني الفقر ومشقة الحياة، لكن البيئة والظروف المحيطة تؤثر على تكوين الانسان”.
تابع حارس الزمالك السابق المتوج بكأس أمم إفريقيا “المنتخبات الأفريقية أقوى، لأنها تواجه منتخبات أفضل مثل ساحل العاج والكاميرون وغانا ونيجيريا والسنغال… معها الاحتكاك أقوى ولاعبوها يحترفون في أوروبا على أعلى المستويات مثل مانيه ودروغبا وإيتو”.
يتفق معه المهاجم الدولي السوري السابق فراس الخطيب مضيفاً إن الكرة الإفريقية تتفوّق “بالقوّة الجسمانية بالإضافة إلى باعهم في الاحتراف قبل الدول الآسيوية. قربهم من أوروبا ساعد على احتكاكهم بمدربين أجانب، كما أن حجم الجالية المغاربية في أوروبا وإعداد اللاعبين هناك بعيد عن طريقة إعداد اللاعبين في آسيا”.
بحسب التصنيف الدولي الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا)، يبدو الفارق جلياً بين أبرز المنتخبات العربية من القارتين، فمن إفريقيا هناك المغرب (28)، تونس (29)، الجزائر (32) مصر (45)، ومن آسيا السعودية (48) قطر (51) الامارات (70) العراق (75).
يشرح النجم الأردني السابق فيصل إبراهيم أن “عرب إفريقيا يتفوّقون من جميع النواحي، القوّة البدنية والمهارة. الاحتراف متغلغل لديهم”.
تابع “أوّل مرة تأهلنا إلى كأس آسيا عام 2004 (بلغوا ربع النهائي)، أقام المدرب (المصري) محمود الجوهري كلّ معسكراتنا في افريقيا. كنا نخوض مباريات قوية ضد الجزائر ومصر ونيجيريا وساحل العاج. نحتاج دوماً للقوّة البدنية واللياقة العالية لنجاري تلك الفرق. أخدنا منهم القوة والسرعة. كنا نلاقي هناك صعوبات في الحياة اليومية، ما أعطانا روح المنافسة ورفع تصنيفنا العالمي”.
بدوره، قال مدرب الجزائر مجيد بوقرة لاعب الدحيل القطري والفجيرة الإماراتي سابقاً الثلاثاء “اللاعب الإفريقي يملك لمسة فنية وموهبة طبيعية بأن يكون مميزا من الناحية الفنية. لكن في آسيا، يعتمد الأمر على البلد، فهناك ثقافات مختلفة. اللاعبان لديهما الحسنات والسيئات. تواجد ثلاثة منتخبات في نصف النهائي يؤكد نوعية الكرة الإفريقية..”.
على صعيد كأس العالم، يُعدّ المغرب أول منتخب عربي يتخطى الدور الأوّل عام 1986 من أصل خمس مشاركات، لحقته الجزائر في 2014 عندما خسرت بشق النفس بعد التمديد أمام ألمانيا بطلة 2014.
ومن الجهة الآسيوية، بلغت السعودية الدور الثاني من أول مشاركة في 1994، علماً بأنها تفوقت على عرب إفريقيا بفوزها على المغرب 2-1 في 94، تعادلت مع تونس 2-2 في 2006 وفازت على مصر 2-1 في روسيا 2018.
– السعودية قادرة -يعتبر مدير المنتخب الأولمبي الإماراتي السابق جمال بو هندي ان “السعودية هي الوحيدة القادرة على مجاراة عرب إفريقيا، ونتائجها في كأس العالم تؤكّد ذلك.. الاحتراف في إفريقيا حقيقي، فيما الاحتراف في آسيا محصور في منطقة واحدة، مثل الخليج، حيث لا يتعرّف اللاعبون على ثفافة جديدة”.
وحول كيفية تقليص الهوة بين الطرفين، يقول بوهندي “امنح لاعبيك فرصة الاحتراف الخارجي. لا تفكروا في المادة بل الارتقاء في المستوى. إذا كانت بعض الدول (الغنية) قادرة على على الانفاق داخلياً يجب أن تساعد اللاعبين على الاحتراف في الخارج حتى لو كانت ستدفع الفارق كي يحصلوا على فرصة الاحتكاك”.
أضاف “لاعبو المغرب والجزائر معظمهم يحترفون في الخارج، لذا يكونون جاهزين دوما بالمهارة والقوة والخبرة والصبر والتحوّلات”.
يجمع كثر أن مشقة مشوار اللاعب في إفريقيا تزيده صلابة، كما يشرح المصري السيد “سلبيات السفر والملاعب والأجواء الحارة وكل ما يؤثر على قوة الجلد لدى اللاعب”، ويؤكدون ان الاحتكاك الخارجي والنوعي هو الحلّ الأمثل لتقريب المستويات.